التعريف بخيوط الزعفران
تعرف نبتة الزعفران بأنها ذات أوراق دقيقة ونحيفة، ومطرزة بالأبيض، وأزهارها ليلكية، وخيوط الزعفران حمراء داكنة، مع بعض الاصفرار أحياناً، وقد ظل الزعفران عبر التاريخ من بين أغلى المنتجات؛ نظراً لندرته في جميع أنحاء العالم. وجدير بالذكر أن من أجمل وأبهى خيوط الزعفران تلك التي تنبت في منطقة قائنات في إيران، حيث الأرض الخصبة والمناخ المثالي لزراعة أرقى أنواع الزعفران.
تاريخ زراعة خيوط الزعفران
امتد تاريخ زراعة الزعفران لأكثر من ثلاثة آلاف عام، ويمتد عبر العديد من الثقافات والقارات والحضارات. فخيوط الزعفران جميلة ورقيقة، تكنُّ لها الشعوب مكانة خاصة في قاموسها المطبخي والطبي والجمالي، والنبتة نفسها من أجمل النباتات البصلية، وذات خيوط حمراء داكنة، كما أن هناك أنواع كثيرة منها لا تستغل لغايات الأكل، بل تستخدم لصناعة باقات الورود التي يتبادلها العشاق.
الاسم العلمي للزعفران
يعود أصل تسمية الزعفران (zafaran) إلى اللغة العربية، ثم ترجمت إلى الفارسية فأصبحت «زفاران» (zaferan)، وقد أخذت أغلب لغات العالم تسميتهم للزعفران عن الفرنسية القديمة في القرن الثاني عشر وخصوصا كلمة «سفران» (safran). فيعود أصل الاسم الإنجليزي «سفرون» (Saffron) إلى اللاتينية «سفرانوم» (safranum) التي أخذته عن الفرنسية القديمة، والاسم الإيطالي «زفارانو» (zafferano) أيضا تدرج من الفرنسية القديمة، كما هو حال الاسم الإسباني «أزافران» (azafran). والأصل الفرنسي يعود بالطبع إلى اللغة الفارسية الذي جاء من العربية على الأرجح.
الموطن الأصلي للزعفران
ذكر بعض المؤرخين بأن أول موطن لخيوط الزعفران هو إيران، وخصوصاً في منطقة قائنات. وكان الإيرانيون يستخدمون خيوط الزعفران في حياكة بعض الألبسة الخاصة بالعائلة المالكة والأغنياء. وفضلا عن استخدامه في الطبابة والتلوين والعطور والتطهير والغسيل، وكذلك فقد دأبوا على نثره على أسِرّة النوم، وغليه في الشاي لإبعاد الاكتئاب وحالات الحزن. ثم انتشر الزعفران في الكثير من مناطق العالم، كالهند، والصين، وغزة ومصر وجزيرة رودس، واستخدمت خيوط الزعفران كذلك لغايات التعطير والتجميل والتطبيب.
ما هي نسبة إنتاج العالم لخيوط الزعفران؟
بحسب الأرقام الأخيرة المتوفرة، فإن العالم ينتج سنويا 300 – 400 طن فقط لا غير من الزعفران. ومعظمها يأتي من إيران، وإسبانيا، والهند، واليونان، والمغرب، وأذربيجان، وإيطاليا التي تعطيه أهمية خاصة منذ أيام الحضارة الرومانية. ولهذا يعتبر الزعفران من أغلى النباتات وأندرها في العالم. والسبب في ذلك أن ما يستخدم من الزعفران هو الميسم أو الخيط، أو ما يمكن وصفه بورقات الزهرة الرقيقة التي تستخدم في تلقيح النبتة. وكذلك بسبب عملية قطف الزعفران وجمعه، وهي عملية دقيقة قبل تجفيفه ببطء. رغم أنه يجف بسرعة بعد القطاف. ويحتاج الفرد ما بين 110 آلاف إلى 170 ألف زهرة لتحصيل كيلو واحد من خيوط الزعفران، وهذا يحتاج إلى 40 ساعة من العمل المتواصل. ويجدر بالذكر أن سكان منطقة قائنات هم من بين أشهر الخبراء في مجال زراعة وقطف الزعفران؛ نظراً لتاريخهم الطويل مع هذا الذهب الأحمر.
ظروف زراعة خيوط الزعفران
يعتبر الزعفران نبتة ريفية تتحمل ظروفاً مناخية قاسية جداً، فهي تتحمل البرودة إلى (-10) درجات، بل حتى (-15) درجة مئوية. وكذلك الحرارة حتى (40) درجة مئوية، ولعدة أيام، بشرط أن لا يوافق ذلك بعض المراحل الحساسة من عمر النبتة.
وبالنسبة للبصلة فهي بحاجة إلى تربة مناسبة جافة قليلًا، لأنها تتضرر بالاختناق في التربة الطينية والكتومة. فالرطوبة تتسبب في تعفن البصلة، كما تتضرر من الجفاف في التربة الرملية. ولا يتأثر الزعفران بالحموضة الموجودة في التربة. وللعلم فحاجة نبتة الزعفران للماء متوسطة، فهي بين (600 – 700) ملم في السنة، تتوزع طوال دورة النبتة. لذلك فزراعة الزعفران غير مناسبة في المناطق الجافة وذات الأمطار غير المنتظمة. وهذا يؤثر في جودة خيوط الزعفران، إلا في المساحات المسقية، كأراضِ قائنات المسقية.
طريقة زراعة الزعفران
أما بالنسبة للأرض الصالحة لزراعة الزعفران، يفضّل اختيار أراضي متوسطة الارتفاع، ليكون المحصول جيداً من حيث كمية الإنتاج. والزعفران بحاجة إلى حرث عميق للتربة قبل الزراعة مباشرة، لأجل تهوية التربة، والقضاء على النباتات الضارة. لذلك يستخدم أهالي منطقة قائنات الحراثات الحديثة. وتوضع بصيلة أو اثنتين في الحفرة الواحدة، وتترك مسافة من 7 إلى 10 سنتمترات بين كل حفرة، للحصول على الكثافة المناسبة، وبذلك يحتاج الزعفران إلى أراضي شاسعة.
سعر الزعفران مرتفع بسبب عملية القطف اليدوية
طريقة سقي خيوط الزعفران
تختلف عدد مرات سقي الزعفران حسب نسبة تساقط الأمطار في المنطقة ونوعية التربة. وقد يحتاج من 8 إلى 10 مرات سقي خلال الدورة النباتية سنويا. أي بوتيرة عمليتي سقي خلال الشهر الواحد، فخلال شهر أكتوبر: يتم سقي الزعفران مرتين، خلال أول الشهر ووسطه؛ لتحفيز بصيلات الزعفران على النمو، وهذه المرحلة مهمة جداً. وكذلك في نهاية شهر أكتوبر يتم سقي أزهار الزعفران مرة أخرى إذا لم يسقط المطر في هذه المرحلة. لأنها من المراحل الحرجة في حياة الزعفران. وفي منتصف شهر نوفمبر: يجب سقي الزعفران مرة أخرى خصوصا عند تأخر تساقط المطر؛ لتحفيز ظهور ونمو أوراق وخيوط الزعفران. ويستحسن سقيها خلال شهر مارس مرة أو مرتين حسب نسبة تساقط المطر في هذه الفترة. كما لا يجب إطلاقا سقي الزعفران خلال مرحلة السكون التي تتزامن مع بداية فصل الصيف قبل بداية شهر أكتوبر.
كيفية قطف وتجفيف الزعفران
جدير بالذكر أن جني الأزهار تعتبر العملية الأكثر تعقيداً في كل الموسم. فهي تحتاج إلى صبر وسرعة الانجاز. ويكون خلال الصباح الباكر قبل طلوع الشمس؛ لضمان تَفَتُّح كامل للأزهار. وإزالة خيوط الزعفران بشكل يدوي التي تعتبر هدف المشروع كله. ثم تبدأ مرحلة فرز خيوط الزعفران عن أوراق الأزهار مباشرة بعد قطف الأزهار. لأن الأزهار تتعفن بسرعة، ثم يتم تجفيف الزعفران بعرضه لأشعة الشمس. لكن في قائنات فبفضل التقنيات الجديدة الموجودة يجفف الزعفران بعناية فائقة؛ لأجل الحفاظ على الجودة العالية واللون الزاهي والطعم الرائع والرائحة الزكية والمظهر الخلاب. ثم يوضع في عُلب محكمة الإغلاق -خاصة تلك التي تتوفر في شركة قائنات– لبيعه في السوق، وقد تدوم صلاحيته حتى خمس سنوات.